فصل: من فوائد ابن العربي في الآية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من فوائد الشعراوي في الآية:

قال رحمه الله:
{وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ}.
وقد يقول قائل: إن الله سبحانه وتعالى قال من قبل: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الكتاب بالحق مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكتاب وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة: 48].
وتكون الإجابة: أن الحق بيّن إن القرآن قد نزل مهيمنًا، وعلى الرسول أن يباشر مهمة التنفيذ؛ لذلك يأتي هنا قوله: {وَأَنِ احكم بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ الله} بلاغًا للرسول وإيضاحًا: أنا أنزلت إليك الكتاب مصدقًا لما بين يديه من الكتب السابقة ومهيمنًا فاحكم، فإذا جاءك قوم بشيء مخالف لما نزل من القرآن، فاحكم بينهم بالقرآن. والذي زاد في هذه الآية هو قوله الحق: {واحذرهم أَن يَفْتِنُوكَ} والحذر هو احتياط الإنسان واحترازه مِمَّن يريد أن يوقع به ضررًا في أمر ذي نفع، والذي يرغب الضر قد يزين لنفسه ولغيره الذر كأنه الخير، على الرغم من أن ما في باطنه هو كل الشر.
إذن فالحذر هو ضرورة الانتباه لمن يريد بالإنسان شرًا حتى لا يدخل عليه ضُرًّا في صورة نفع، كأن يأتي خصم ويقول لك: سأضع لك كذا وافعل من أجلك كذا وكذا. يجب عليك هنا أن تقول له: لا.
والحذر- إذن- يقتضي عقلًا مركبًا، ولذلك كانوا يعرفون الحذر من الغراب. فها هوذا الغراب يعلم ابنه في قصة شعبية فيقول الغراب لابنه:
احذر الإنسان؛ لأن الإنسان عندما ينحني ليلتقط شيئًا من الأرض فهو يلتقط قطعة من الطوب ليرميك بها. وهنا يقول الغراب الصغير لوالده: وماذا أفعل لو كان هذا الإنسان يخبئ قطعة الطوب في جيبه؟ إنها قصة توحي بأن الغراب حذر بفطرته.
ونرى مثل ذلك في مظاهر الأشياء كالمرابي الذي يزين للناس أن يضعوا أموالهم عنده ويعطيهم فائدة تبلغ عشرين بالمائة، هذه صورة شيء ينفع ولكنها ضارة بالفعل؛ لأنها تزيد المال ظاهرًا ولكن ينطبق عليها قول الله: {يَمْحَقُ الله الربا}.
وهذا أمر ضار يزينه الخصم وكأنه أمر نافع. والحق يطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون حذرًا، فماذا يكون المطلوب من الأتباع؟. إنه الحذر نفسه؛ لأن أفضل البشر وَجَّهَهُ الله إلى الحذر: {واحذرهم أَن يَفْتِنُوكَ} لأن الصورة التي دخلوا بها هي صورة تزين الخداع، فقد قالوا: نحن جئناك لتحكم لنا، فإن حكمت لصالحنا فلسوف نتبعك، وهذا أمر يبدو في صورة شيء نافع. وجاء القول الحق ليحسم هذه المسألة: {واحذرهم أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ الله إِلَيْكَ} وهنا يحذر الله ورسوله من الفتنة عن بعض ما أنزله إليه سبحانه.
ويتابع الحق: {فَإِن تَوَلَّوْاْ فاعلم أَنَّمَا يُرِيدُ الله أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الناس لَفَاسِقُونَ} وهم إن تولوا، فاعلم أن الله يحميك أن تنزلق إلى شبهة باطل. فهم قد اختاروا أن يوغلوا في الكفر، وفي الابتعاد عن منهج الله، وسيصيبهم ببعض عذابه مقابل ذنوبهم، وسبحانه لا يصيبهم ظلمًا، بل يصيبهم ببعض الذنوب التي ارتكبوها.
وهو أعلم بهم، لأنه الأعلم بالناس جميعًا.
ويختم الحق الآية بقول: {وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الناس لَفَاسِقُونَ} أي خارجون عن طاعة كتبهم ورسلهم؛ لأن طاعة الكتب السابقة على القرآن تنص على ضرورة الإيمان بالرسول النبي الأمين صلى الله عليه وسلم. ويقول الحق: {الذين يَتَّبِعُونَ الرسول النبي الأمي الذي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التوراة والإنجيل يَأْمُرُهُم بالمعروف وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المنكر وَيُحِلُّ لَهُمُ الطيبات وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخبائث وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ والأغلال التي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فالذين آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ واتبعوا النور الذي أُنزِلَ مَعَهُ أولئك هُمُ المفلحون} [الأعراف: 157].
إذن فطريق الفلاح كان مكتوبًا في التوراة والإنجيل، وكان الأمر باتباع محمد صلى الله عليه وسلم النبي الأمي موجودًا في الكتب السابقة على القرآن، وكانت البشارة بمحمد رسولا من عند الله يأمر بكل الخير وينهى عن كل الشر ويحل للناس كافة الأشياء التي تُحْسِن الفطرة الإنسانية استقبالها، ويحرم عليهم أن يزيفوا ويغيروا المنهج الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وألا يستسلموا للعناد، فقد جاء محمد صلى الله عليه وسلم ليزيل عنهم عبء تزييف المنهج. فمن اتبع نور رسول الله صلى الله عليه وسلم أحس بالنجاة والفوز. ومن لم يتبع هذا النور فهو الخارج عن طاعة كتاب السماء. ومحاولة إنكار رسالة رسول الله محكوم عليها بالفشل، فالعارفون بالتوراة والإنجيل يعرفون وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الكتب. {الذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الحق وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 146].
ونعلم جميعًا ما فعله عبدالله بن سلام عندما جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلن إسلامه. قال عبدالله بن سلام:
- لأنا أشد معرفة برسول الله صلى الله عليه وسلم منّي بابني.
فقال عمر بن الخطاب- رضي الله عنه:- وكيف ذلك يا ابن سلام؟.
قال عبدالله بن سلام: لأني أشهد أن محمدًا رسول الله حقًا ويقينًا وأنا لا أشهد بذلك على ابني لأني لا أدري، أحداث النساء. فقال عمر بن الخطاب: وفقك الله يا ابن سلام.
ولكن بعض علماء بني إسرائيل وأحبارهم كتموا البشارة برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كانوا يرجون الرئاسة والطمع في الهدايا التي كان يقدمها الناس إليهم. لذلك عمدوا إلى صفة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وكتموها. وماداموا قد فعلوا ذلك فلنعلم أن الله يريد أن يصيبهم ببعض ذنوبهم.
ونلحظ أن الحق حين أجرى على لسان رسوله خطابًا إلى اليهود. ولم يأت على لسانه صلى الله عليه وسلم اتهام شامل لليهود، بل اتهام لبعضهم فقط، وإن كان هذا البعض كثيرًا، فلنعلم أن ذلك هو أسلوب صيانة الاحتمال؛ لأن بعضهم يدير أمر الإيمان بقلبه.
صحيح أن كثيرًا منهم فاسقون، ولكن القليل منهم غير ذلك. فها هوذا أبو هريرة رضي الله عنه ينقل لنا ما حدث: «زنى رجل من اليهود بامرأة وقال بعضهم لبعض اذهبوا بنا إلى هذا النبي فإنه نبي مبعوث للتخفيف فإن أفتانا بفتيا دون الرجم قبلناها واحتججناها عند الله وقلنا فتيا نبي من أنبيائك. فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد مع أصحابه فقالوا: يا أبا القاسم ما ترى في امرأة ورجل زنيا؟. فلم يكلمهم حتى ذهب إلى مِدْراسهم.
وهناك طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم من شاب رفض أن يتكلم بالكلام غير الصدق الذي يتكلمه قومه. وقال الشاب: إنا نجد في التوراة الرجم. وحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرجم»
.
«عن البراء بن عازب قال: مُرَّ على النبي صلى الله عليه وسلم بيهودي مُحَمَّمًا مجلودًا، فدعاهم فقال: هكذا تجدون الزاني في كتابكم؟ قالوا: نعم، فدعا رجلا من علمائهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أهكذا تجدون حدّ الزاني في كتابكم. قال: لا، ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك، نجده الرجم ولكنه كثر في أشرافنا فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحدّ، فقلنا: تعالَوْا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع فاجتمعنا على التحميم والجلد مكان الرجم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أول من أحيا أمرك إِذْ أَمَاتُوه»، فأمر به فرُجم فأنزل الله: {يا أيها الرسول لاَ يَحْزُنكَ الذين يُسَارِعُونَ فِي الكفر} إلى قوله: {إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ} يَقُولون ائتوا محمدًا فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا».
إذن فالكثير منهم فاسقون، والقليل منهم غير فاسق لأنهم يديرون فكرة الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم. فلو أن الاتهام كان شاملًا للكل بأنهم فاسقون؛ لما أحس الذين يفكرون في أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالنور الذي جاء به. وعندما قال الحق: {وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الناس لَفَاسِقُونَ} يعني أن الذين يديرون في رؤوسهم فكرة الإيمان برسول الله سيجدون النور واضحًا في كلماته.
ونتساءل: لماذا أرادوا أن يلووا أحكام الله ليحققوا لأنفسهم سلطة زمنية وثمنًا تافهًا من تلك الأشياء التي يتقاضونها، لماذا يفعلون ذلك؟
ها هوذا قول الحق سبحانه: {أَفَحُكْمَ الجاهلية...}. اهـ.

.من فوائد الجصاص في الآية:

قال رحمه الله:
وقَوْله تَعَالَى فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: {وَأَنْ اُحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} لَيْسَ بِتَكْرَارٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ مِثْلِهِ لِأَنَّهُمَا نَزَلَا فِي شَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ: أَحَدُهُمَا: فِي شَأْنِ الرَّجْمِ، وَالْآخَرُ: فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الدِّيَاتِ حِينَ تَحَاكَمُوا إلَيْهِ فِي الْأَمْرَيْنِ.
قَوْله تَعَالَى: {وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إلَيْكَ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «أَرَادَ أَنَّهُمْ يَفْتِنُونَهُ بِإِضْلَالِهِمْ إيَّاهُ عَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إلَى مَا يَهْوَوْنَ مِنْ الْأَحْكَامِ، إطْمَاعًا مِنْهُمْ لَهُ فِي الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ».
وَقَالَ غَيْرُهُ: «إضْلَالُهُمْ بِالْكَذِبِ عَلَى التَّوْرَاةِ بِمَا لَيْسَ فِيهَا فَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى حُكْمَهُ».
قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ} ذَكَرَ الْبَعْضَ وَالْمُرَادُ الْجَمِيعُ، كَمَا يَذْكُرُ لَفْظَ الْعُمُومِ وَالْمُرَادُ الْخُصُوصُ، وَكَمَا قَالَ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} وَالْمُرَادُ جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِ: {إذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ} وَفِيهِ أَنَّ الْمُرَادَ الْإِخْبَارُ عَنْ تَغْلِيظِ الْعِقَابِ فِي أَنَّ بَعْضَ مَا يَسْتَحِقُّونَهُ بِهِ يُهْلِكُهُمْ.
وَقِيلَ: «أَرَادَ تَعْجِيلَ الْبَعْضِ بِتَمَرُّدِهِمْ وَعُتُوِّهِمْ».
وَقَالَ الْحَسَنُ: «أَرَادَ مَا عَجَّلَهُ مِنْ إجْلَاءِ بَنِي النَّضِيرِ وَقَتْلِ بَنِي قُرَيْظَةَ». اهـ.

.من فوائد ابن العربي في الآية:

قال رحمه الله:
قَوْله تَعَالَى: {وَأَنْ اُحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إلَيْك فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ}.
فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا: قِيلَ: نَزَلَتْ فِيمَا تَقَدَّمَ.
وَقِيلَ: «جَاءَ ابْنُ صُورِيَّا، وَشَأْسُ بْنُ قَيْسٍ، وَكَعْبُ بْنُ أُسَيْدَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُونَ أَنْ يَفْتِنُوهُ عَنْ دِينِهِ، فَقَالُوا لَهُ: نَحْنُ أَحْبَارَ يَهُودَ، إنْ آمَنَّا لَك آمَنَ النَّاسُ جَمِيعُهُمْ بِك، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ خُصُومَةٌ فَنُحَاكِمُهُمْ إلَيْك لِتَقْضِيَ لَنَا عَلَيْهِمْ، وَنُؤْمِنُ بِك وَنُصَدِّقُك؛ فَأَبَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْآيَةَ، وَهِيَ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ}» بِمَعْنَى وَاحِدٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ قَوْمٌ: هَذَا نَاسِخٌ لِلتَّخْيِيرِ، وَهَذِهِ دَعْوَى عَرِيضَةٌ؛ فَإِنَّ شُرُوطَ النُّسَخِ أَرْبَعَةٌ مِنْهَا: مَعْرِفَةُ التَّارِيخِ بِتَحْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ وَالْمُتَأَخِّرِ.
وَهَذَا مَجْهُولٌ مِنْ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ، فَامْتَنَعَ أَنْ يُدَّعَى أَنَّ وَاحِدَةً مِنْهُمَا نَاسِخَةٌ لِلْأُخْرَى، وَبَقِيَ الْأَمْرُ عَلَى حَالِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْله تَعَالَى: {وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوك عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إلَيْك} قَالَ قَوْمٌ: مَعْنَاهُ عَنْ كُلِّ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إلَيْك، وَالْبَعْضُ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الْكُلِّ قَالَ الشَّاعِرُ: تَرَّاكُ أَمْكِنَةٍ إذَا لَمْ أَرْضَهَا أَوْ يَغْتَبِطْ بَعْضَ النُّفُوسِ حِمَامُهَا وَيُرْوَى: أَوْ يَرْتَبِطْ.
أَرَادَ كُلَّ النُّفُوسِ، وَعَلَيْهِ حَمَلُوا قَوْله تَعَالَى: {وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ}.
وَالصَّحِيحُ أَنَّ {بَعْضَ} عَلَى حَالِهَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الرَّجْمُ أَوْ الْحُكْمُ الَّذِي كَانُوا أَرَادُوهُ وَلَمْ يَقْصِدُوا أَنْ يَفْتِنُوهُ عَنْ الْكُلِّ. اهـ.